الآراء المنشورة في هذه المجلة لا تعبر بالضرورة عن حقائق نهائية. لذا تتعهد الإدارة بنشر  ما يردها من القراء حولها

تشرين أول/ أكتوبر  2009

   

كشف حساب مختصر لمواطن أكثر اختصارا

 علي عكـور

   
 
 
 

 

25 عاما ركلتها خلفي , أو هي ركلتني ..

كل الاحتمالات صحيحة .

يااااااااااااه , كيف يعدو العمر ؟ كيف يعدو كأرنب مطارد ؟

و ( كجلمود صخرٍ حطّه السيلُ من  عل )

و كيف ذابت السنون كأحلام البؤساء ؟

و كيف تلاشت كمعاشات المتقاعدين ؟

و أماني الكادحين ..

و ذنوب الصالحين ..

و كيف تاهت كالكلاب الضالة ؟

و جاعت كقطط الشوارع وليس

ثمة تونة !!

و كيف تبعثرت كأصدقائي الطيبين ؟؟

و كيف تشظت كأفراحي ؟

25

أنظر إليها خلفي و أجمع ما يكفي من اللعاب

لأبصق عليها .

لكنني لا أبصق , أدّخر لعابي للسنوات المقبلة

لاشك أنها أسوأ

و تحتاج لعابا كثيرا و مركزا .

 

إذن .. قبل 25 خرجت إلى الظلام

***

25   عأما , قضيت أغلبها على مقاعد التعليب / التعذيب

كلّ صباحٍ أحمل أسفارا لا أفهمها , و أعود بعد

جرعةٍ من الصياح لا أفهم كيف لا أفهمها

تم تعليمي / تعليبي على نحو رائع .

درست فاندرست

***

في مادة الوطنية كانت درجاتي متدنية

على الرغم من الصياح الذي أسكبه كل

صباح في الطابور

فهمتها و حفظتها بالسوط و الكرباج ( و في الاختبار كانت

إجاباتي صحيحة , فقط : أخطأت في اسمي و أصبت في اسمه و نجحت(

و في الرياضيات تعلمت أن الطريق المستقيم

أقصر الطرق , و آمنها أيضا ..

و أنه الطريق الوحيد الذي لا يؤدي إلى السجن

و أن الزوايا الحادة مؤلمة جدا !!

و أن 100 تساوي 1 و 1 لا يساوي شيئا

و في الإنشاء و الإملاء تعلمت ألا أكتب خارج السطر .

و أن الحرف حتف و خسف و نسف

و في الفقه تعلمت أن ما بلغ النصاب من البقر

فهو شعب !!

و ما بلغ النصاب من الظلم فهو حاكم

و ما بلغ النصاب من الوجع فهو مواطن

و ما بلغ النصاب من الألم فهو أنا !!

و أن ( الوطن ) يوجد في المعاجم و بلاد الأعاجم

و حين ضبطني معلم العربية , أبحث

عن مفردة ( وطن ) في المعجم , رمقني قائلا :

انتهت الحصة .

و تعلمت في اللغة أن ( الثروة و الثورة )

تتضادان , و أن من يملك الأولى لا يحتاج الثانية

و أن ( كَتَبَ و كَبَتَ ) مفردتان : الأولى إفراز للثانية

و أن ( سرق ) تأتي بمعنى ( وهب ) في

لغة بني كلاب !!

و في الحديث تعلمت

أن أكذب و أكذب و أكذب

و أتحرى الكذب

حتى يكتب عني ( صحفيًّا )

و في النحو تعلمت أن حروف ( النصب ) كثيرة

و أن حروف الجزم يعلوها الغبار

و أن المواطن مجرور و منصوب و حظه

مكسور , .. و الفاعل حقير مستتر

و تعلمت أن الضمائر تباع

كلها تباع .. فقط تتفاوت الأسعار

و في التوحيد تعلمت أن الحكام يموتون أيضا

و لو بعد حين .

و في التجويد تعلمت أن للحروف مخارج

و لكنها مغلقة !!

و في الرياضة تعلمت

أن الدرب طويلٌ طويل .. و ليس ثمة تكسي

و أن الأحذية أنواع كثيرة

أفخرها ماركة مواطن

و في الجغرافيا تعلمت أن الجهات ثلاث

شمالٌ و شرقٌ و غرب

و أن المناخ مناسبٌ

للصوص النبلاء ليقوموا بأعمالهم

الشريفة !!

و أن العالم العربي يصدّر الكلام

و يستورد الأفعال

و في الفرائض تعلمت أن

للبنت الَّنسْف

و للابن ما يريد

و زيادة

و أن الأوطان تورّث

كالأبقار و الحمير !!

و في القرآن تعلمت : ( إنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيد )

و في التفسير

تعلمت أن

( مواطن ) تعني : جسد مسجّى

على قارعة الذلّ

 

***

25 عاما ..

رأيتني أعصر خمرا و يسكر غيري !!

و أصنع خبزا و يشبع غيري !!

تخرّجت مواطنا صالحا للاستهلاك يقترف الأكل و النوم

و التفريخ باقتدار .

و يتعاطى بعض الأحلام ( في حدود ما يسمح به الليل )

أنجزت كثيرا من الأكل و النوم و قليلا من الحياة !!

...

***

25 الحمد لله أنهيت الربع / الرعب .. الأول

من حياتي بأقل الخسائر ..

أفترض أنني سأعيش مئة عام

من العزلة , لأن عمر الأشقياء

طويل !!!

 

25

خرجت منها

نصف إنسان بنصف أحلام ..

و بأوجاع كاملة

و أوهام فائضة

و أحلام مسلولة و مسلوبة

***

25

لو استدبرت من أمري / عمري ما استقبلت لفضلت

أن أموت بالحصبة أو الفالج

***

25 خرجت منها مواطنا / روبوتا بضمان مدى الحياة

لا يتعطل و يدار عن بعد بالريموت كنترول

و يعمل في سلك الذلّ .

 

عيد ميلاد تعيس

 
 
 

أرسلوا هذه الصفحة للأصدقاء


عودة إلى صفحة الأدب

عودة إلى الصفحة  الرئيسية

حقوق النشر محفوظة للقارئة والقارئ

مدن محظورة   2009      modon net