آذار / مارس  2009

الآراء المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن حقائق نهائية.. لذا تتعهد الإدارة بنشر ما يردها من القراء حولها    

 

 

 

 

سيأتيكم زمان

الشاعر: ممدوح عدوان


 

ها هو الموت يأتي . خطاه على الأرصفه

وجهه سيفاجئ في العَطَفاتِ

وقد يشرئبّ من الأرغفه

ها هو الموت يأتي ..

تنفسه عند بابي ،

وفوق وجوه النيامْ

ها هو الموتُ يأتي .. انهضوا أيها الميتونْ

جاء موتٌ جديدْ

نابع بين حبل الوريد وبين الجبينْ  

هادئ ، مختفٍ بين دفء الكرى والنعاسْ  

ها هو الموت يأتي ، اطمئنوا ، اكشفوا موتكم

فالذي لا يموت قتالاً ،

صراخاً يموتُ ، وغدراً يموتُ ، وغيظاً يموتُ

يؤكل الموتُ ، يشربُ ، يلبسُ ، تغسل فيه الوجوهْ

يختفي في الهواء إذا ما قبعتم وراء البروجْ

أيها الميتون الذين دَفَنتم رؤوسكمُ في رمال الحياة

أيها الميتون .. سلاماً مميتاً

 

***

 

كل نَبعْ يُحاصَرُ ،

لم يبقَ للشرب إلا الدماءْ

من ضفاف المحيط إلى كربلاء

وحدنا فوق رَمْلِ البلاء هوينا ،

انتفخنا على الرمل حتى انفجرنا عفونه  

والصبايا تلفّعنَ بالسبيِ ،

قيلَ : التجأن إلى السبيِ

قيلَ : سُبين ولم تختلف حولهن الظروفْ

قيل : جعنَ ، فلم تتحرك لجوع النساء السيوفْ

- حينما يشتهي الرجل امرأةً ، يشهر السيفَ حتى ينال الوَطَرْ -

قلن: ماذا سيفقدنا السبيُ

- ماذا تبقّى لجند العدو؟

- وفيمَ نخاف اغتصاب العَجَمْ

- أغريق يخاف البَلَلْ

- ما لجرح بميْت أَلَمْ

- مثِّلوا كيف شئتم بلحم الغَنَمْ

- تأكل الحرة الثدي إن جاع أبناؤها

- وإذا اغتصبت في قبيلتها

ما الذي ستفيد الحكمْ

ها هنا امرأةٌ أعلنت عهرها

فاستردّوا تهامسكم بالتُهَمْ  

علقت سعرها فوقها قبر أخيها

وردَّت على الميتين الرداء

تركت للجناة الحياءْ  

مدَّدت من سيوف القبائل تختاً

تمارس فيه البغاء

- كلما أصدر لي أمراً نفّذتُه بحذافيره ، إلى أن  

أمرني : استرح . قلت : لا أستطيع -.  

إنني أول الميتين جهاراً

وآخر هذي السلاله

أتعرق موتاً ، وأُولد أُنثاي موتاً

وأبصر موتي ظلاماً ، وأبصره في البريقْ

جاء طوفان نوح ، وفُلْك القبائل لم تكتملْ

والجبال تغيضْ

ما الذي سوف تفعله وسط طوفان نوح البساله

مَن سيدفن مَن ؟ في الزحام البغيضْ

كلّنا وسط هذي الضلاله

وحده الموت يعرف وسط الركام الطريق

- نهرني بصوته الجهوري: "حين تسير أيها الحيوان

إرفع رأسك". حاولت فلم أستطع - .  

الملايين إذ تتقن القفز والبسمله

والتي زحفت سيل عزم تهلل

أوصلها الدرب للجلجله

وطيور تحوّم فوق الرؤوسْ

تأكل الخبزَ والأعين المُقْفَله

واحداً .. واحداً سقطوا :

ميِّتٌ ببكاء

ميت بشهيقٍ ، وآخر مات بحلو الغناء

ميت عند باب ، وآخر وسط الطريق ، وآخر فوق الرصيفْ  

ميِّتٌ .. ميّت .. ميت .. لا قبور ولا ذكرياتْ

ميت في صفوف الجهاد وفي الردة الناكره

ميت من حراب الأعادي ، ومن أسرة غادره

ميت يتلقى الخناجر دون نزيفْ  

ميّتٌ ... ... ...

سقط القلمُ الناقلُ السرَّ

جف اللسانُ على جمله ساحره

وهوى رأس آخر حيٍّ بهم

يَبِست في محياه ضحكته الساخره.


 أرسل/ ي  هذه الصفحة إلى الأصدقاء

 
 
 
 

 


عودة للأولى

عودة لصفحة الأدب