كانون أول / ديسمبر 2009


  الآراء المنشورة في هذه المجلة لا تعبر بالضرورة عن حقائق نهائية. لذا تتعهد الإدارة بنشر  ما يردها من القراء حولها

 

 
 

حسان الجمالي

ثورة جنسية تقودها نساء


على صفحة غلاف مجلة نساء من المغرب الناطقة بالفرنسية، ولأول مرة، في تاريخ الصحافة المغربية، نرى صورة الصحفية ناديا لارقي عارية، عارضة بفخر جسد امرأة حامل في شهرها الثامن. وتذكرنا الصورة بنساء شهيرات ظهرن عاريات في نهاية فترة الحمل، على أغلفة مجلات شهيرة، ومن بينهن ديمي مور ومونيكا بيلوتشي.

منذ سنتين، وفي بيروت، عاصمة الفكر والثقافة حتى إشعار آخر، صدر العدد الأول من مجلة "جسد". التي تعني بـ "آداب الجسد وعلومه وفنونه" وهي، كي تزيد الطين بله مجلة باللغة العربية ترأس تحريرها امرأة. أي أنها، كما تقول رئيسة تحريرها جمانة حداد: كوكتيل مولوتوف برسم الانفجار. وتتابع جمانة (التي هي أيضا المسئولة عن القسم الثقافي لجريدة النهار) قائلة:

" جسد" هي باختصار مشروع ثقافي وفكري وأدبي وعلمي وفني جدي. مشروع ينتمي إلى الجسد، جسد الحياة، جسد العقل وجسد القلب وجسد اللغة، بل ينتمي إلى جسد الجسد. إن الجميع في بلداننا العربية السعيدة، الجميع تقريبا ما شاء الله، أثيريون وغير ترابيين، قديسون وأنبياء، كائنات هيولية تولد وتكبر بلا أجساد، بلا أعضاء جنسية ولا حاجات ولا غرائز ولا فانتسمات. ولا رذائل ولا خطايا ولا عادات سرية أو علنية.

وقد اختارت المجلة قضيب الرجل موضوعا رئيسيا لعددها الأخير لتكرمه عن طريق الرسومات والتماثيل والتحاليل والنصائح. ويزداد، يوما بعد يوم، عدد قراء المجلة خاصة في دول الخليج، حيث تصلهم عن طريق البريد.

كذلك صدر عن دار الريس الرواية الايروتيكية "الشهادة بالعسل" للكاتبة السورية سلوى النعيمي المقيمة في فرنسا.

في الرواية تتنقل الكاتبة بين السيرة الذاتية ونصوص جنسية من التراث:

" كنت أصل إليه مبللة وأول ما يفعله هو أن يمد إصبعه بين ساقي يتفقد "العسل" كما كان يسميه. يذوقه ويقبلني ويوغل عميقا في فمي وأقول له: من الواضح أنك تطبق تعاليم الدين وتوصيات كتب شيوخي القدماء:

"أعلم أن القبلة أول دواعي الشهوة والنشاط وسبب الاتعاظ والانتشار. ومنه تقوم الذكور وتهيج النساء، ولا سّيما إذا خلط الرجل بين قبلتين بعضة خفيفة وقرصه ضعيفة".:كيف يمكنني أن لا أكون بنت هذا التراث؟"

ما هو الشئ المشترك بين تلك النساء؟ و ما وراء تلك الضجة الكبيرة، سواء من رجال دين (مسلمين و مسيحيين في حالة مجلة جسد) أو من الإسلاميين في حالة نساء من المغرب؟

أول ما يخطر على البال النفاق المستشري والمزمن حول طبيعة المرأة وجسدها، وكون طرح القضية جاء عن طريق نساء عربيات. ذلك أن جسد المرأة وما يجب أن يظهر أو يختفي منه وحريتها في التصرف فيه أصبح قضية العرب الأولى، حتى أنها سبقت القضية الفلسطينية بمراحل (وبموافقة كثير من الفلسطينيين أنفسهم). الدين والأخلاق والشرف أصبحوا متناسبين طردا مع المساحة التي تغطيها المرأة من جسدها، لا يهم إن كان في ذلك إثارة جنسية أو مجرد بعد جمالي.

وبينما اعتدنا على أحاديث الرجال عن الجنس، ومعظمها بذيئة مهينة للمرأة وجسدها واختزاله إلى مجرد فرج، هو نبع لا ينضب لمعظم نكاتنا وشتائمنا التي تطال الأب والأخ والزوج، تأتي تجارب نسائية لتعيد الاعتبار لجسد المرأة المضطهد وحتى للفرج الذي خرج منه كبارنا وصغارنا.

إن صورة لامرأة حامل في الشهر الثامن، تخفي صدرها بيدها لا يمكن أن تثير أي رغبات جنسية، والمرأة المسلمة، على عكس نظيرتها الغربية، لا تجد أي حرج في إخراج ثديها لإرضاع طفلها على مرأى من الناس، حتى في شارع مكتظ بالبشر. ما الداعي إذا وراء نشر جريدة التجديد المغربية مقالا، حول الصورة، التي هي ليست تلك لامرأة عارية وإنما لحياة في طور التكوين، عنوانه: "فضيحة على جميع المسويات". واعتبرت الجريدة أن ناديا لارقي قد تحدت "ثوابت" المجتمع باسم الحداثة!

من الواضح أن الصورة تحمل رسالة مهمة ( وهذا ما يفسر غضب الإسلاميين) وهي أن جسد المرأة العاري أو شبه العاري قد يعبر عن شيء آخر غير الرغبة والشبق الجنسي. هذا بينما لا يريد الإسلاميون والأصوليون أن يكون لجسد المرأة أية وظيفة أخرى غير تلبية رغبات الرجل الجنسية.

غير أن الخوف الكبير هو من ثوره جنسية عارمة، تقودها مسلمات، بدأت تباشبرها تظهر هنا وهناك وهدفها إعادة النظر في الثوابت وفي علاقة المرأة بالرجل.

تقول الكاتبة التركية الألمانية سيران أتيس في كتابها "الإسلام بحاجة الى ثورة جنسية":

" إن على العالم الإسلامي أن يتبع مسار التغيير، ويشمل هذا المسار الاعتراف بالنشاط الجنسي كشئ يحدده كل فرد لنفسه وبنفسه . ولا بد من إلغاء كل مؤسسات الشرطة الأخلاقية والشرطة الدينية. لم يعد ممكنا للمجتمع أن يعاقب الذين يمارسون الجنس قبل الزواج أو أن يعزلهم. وعلى الأهل أن يواجهوا السؤال حول ما سيفعلونه إذا لم يسمحوا لابنتهم التي بلغت 16 عاما أن يكون لهل صديق في حين أن أبناءهم الذكور يتبجحون بعدد صديقاتهم".

ملاحظة: إن وجدت في هذا الموضوع فائدة علمية، فقم بنشر الرابط إليه  في المنتديات وبين الأصدقاء.

 

 

عودة إلى الصفحة  الرئيسية

عودة إل صفحة الجسد

   

حقوق النشر محفوظة للقارئة والقارئ